المكان: بورغاس في بلغاريا

الزمان: الخميس 05فبراير من سنة 2016


في صبيحة الخميس الخامس من فبراير من سنة 2016 نزلت الطائرة القادمة من

إيران بمطار "بورغاس" في بلغاريا ونزل منها ركابها وبعد انتهاء إجراءات الجمارك

خرج من باب المطار شخصين أحدهما طويل القامة حادّ الملامح والآخر متوسطها وذو وجه يدل على الشراسة والقسوة وسرعان مـا أتى لاستـقبالهما رجل نحيف رشيق الحركات يدلّ شكله ولباسه على أنه فرنسي وبادرهما قائلاً:

أهلا بأصدقائي القدامى، كيف حالكم وكيف حال الجماعة في إيران؟؟

فأجابه أحدهم وهو يعانقه: الكلّ بخير، كيف حالك يا أندريه؟؟

أندريه: أنا بخير ياصديقي "آزر"..ثم عانق أندريه الثاني وقال ضاحكاً: هههههه لقد ازدتّ طولاً يا"نيروز".

وقادهم أندريه إلى سيارته وانطلق بها، وفي الطريق سأله "آزر"ما المعلومات

التي توصّلتم إليها؟

فمدّ إليه أندريه ملفاً فيه صوراً وبعض الأوراق وأخرج من تحت مقعد السيارة مسدسًا من نوع "غلوك 17"قدّمه ل "آزر" قائلاً: أعلم أنّه نوعك المفضل.

ومسدس نصف آلي من نوع "كولت إم 1911 إيه 1" قدّمه ل "نيروز" قائلاً:

هذا يعتبر الأفضل.

فابتسم آزر قائلاً: بوركت أندريه.

ثم خاطب أندريه الاثنين معاً قائلاً:

لقد قدِم موشي إلى صوفيا تحت اسم "حاييم أبرهام" بجواز سفر سليم وكان قد غير  من شكله، ومنذ قدومه و هو دائم النشاط وقمنا بمراقبته جيداً فعلمنا أنّه غيّر نشاطه من عمله في جماعـة الضغط الصهيونية وأصبح يعمل في قسم تجنيد الجواسيس(تسوميت) المتفرّع عن الموساد وترأس خلية يهودية تتكون من وجوه جديدة شابة ليس عندنا أي ملفات عنهم ويعمل معه أيضاً ثلاثة من أفضل عملاء الوحدة "8200" وهم بارعون جداً في عمليات الاختراق السيبرانية وهـذه الخليّة اختصاصها تجنيد الطلبة العرب والأفارقـة القادمـين للـدراسة في أوروبا الشـرقـية روســيا وأوكرانـيا وروسيا البيضاء وغيرها ... وهـذه الخـليّة مـوزّعة في كـلّ عواصم أوروبا الشـرقية وموشي هو مركز الاتصال بينهم.

ومنذ يومين التقى بشخص اسمه "ألكسندر ماليكوف" وهو روسي منشقّ عن النظام، يدير منظمة غير حكومية تستعمل مدربين غير عسكريين في إشعال الحروب والتخريب..

كما أنه يتاجر بالأسرار العسكرية وسرقة تصاميم الأسلحة وبيعها للمنظمات الاجرامية والدول، وأظنهم يخططون لأمر كبير.

وفي الملف كلّ الصور المهمّة الخاصة بموشي وعملائه ومواعيده كلها وأين يقضي

سهراته ونسخة من مفتاح شقته وصورها من الداخل. 

فقال آزر: حسناً، هذا عمل جيد.

لقد آن له أن يرتاح من نشاطه كله وما فعله في واشنطن لن يمر مرور الكرام.

أندريه: فعلاً فهو وغد حقاً؛ فقتله لرجل الكونغرس وإلصاقه التهمة بجماعة الضغط الإيرانية قد سببت لكم معضلة دبلوماسية كبرى مع الأمريكيين وكلّ السبل في سبيل تسوية الملف النووي أصبحت شبه مغلقة.

قال آزر: نعم فالوغد نفذ ضربته قبل يوم من إعلان قرار تأييد ملفنا النووي وكان الرئيس أوباما قد أخد أصواتاً بالأغلبية على رفع العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.. وجاء خبر قتلنا لرجل الكونغرس الذي زيّفه موشي مثل الصاعقة على رؤوسنا وتهدّم كلّ شيء من أساسه.

فأجابه نيروز: لا تقلق، ستنكشف الحقائق وجماعتنا ستسوّي المسألة كما أن الرئيس "أوباما" في صفّنا ولم يصدق التهمة التي لُفقت المكان: صوفيا في بلغاريا

الزمان: السبت 07فبراير من سنة 2016


رجع "موشي عزرائيل" نحو العاشرة ليلاً إلى منزله الذي استأجره "في صوفيا عاصمة بلغاريا" عندما رحل إليها من واشنطن منذ شهور ودخل إلى غرفة نومه ثم حرّك ثلاجة صغيرة خاصة بالمشروبات والنبيذ وخلفها كانت تقبع خزانة فولاذية سرية سرعان ما فتحها ببصمة يده ووضع فيها ملفاً أزرقاً ورزمة كبيرة من الأوراق المالية ثم أغلقها وفرك يديه مبتهجاً وذهب إلى المطبخ ليعد لنفسه شيئاً يأكله وبدأ يقطّع بعض شرائح اللحم وفجأةً شعر بشيء وراءه لكن قبل أن يلتفت عالجه مجهول بضربة قوية على رأسه وفقد الوعي في الحال.

وبعد وقت ليس بالطويل استفاق على ماء بارد سكبه أحدهم على وجهه فلمّا فتح عينيه طالعته وجوه تنظر إليه بمنتهى الشرّ وهو مقيّد اليدين إلى كرسيّ في غرفة نومه.

فصرخ بهم قائلاً: من أنتم وماذا تريدون؟؟! خذوا ما شئتم واذهبوا.

فأجابه أحد الشخصين: نحن لسنا لصوصاً، لكن أظنك تعرف لماذا نحن هنا من شكل ملامحنا.

موشي: أنتم إيرانيون وما علاقتي بكم؟!!

فضحك الثاني وقال لرفيقه: هذا الوغد اليهودي يظن نفسه ذكياً، لقد وصلنا إليك وهل حسبت أن بلغاريا بعيدة علينا؟!!

وخاطب الأول "موشي": اِسمع أيها القرد "موشي" لقد سببت لنا الكثير من المتاعب والخسائر، وجعلتم أمريكا تحشر أنفها في شؤوننا وأوجدتم لها ذريعة منذ بدأ رئيسكم "نتنياهو" بتأليبهم علينا ونبش ملفنا النووي، وأنت من قتلت رجل الكونغرس وألصقت التهمة بجماعة الضغط الإيراني، وأصبح ملفنا النووي في وضع شديد الصعوبة بعد أن كنًا قد قطعنا أشواطاً كبيرة في التفاوض.

"موشي": إنكم مخطئون ولا أعلم عن ماذا تتكلمون، وتقترفون بعملكم هذا خطأ رهيباً.

فنظر الأول لرفيقه ثم خاطب موشي:

إنك تعمل بخسّة، وعديم النزاهة وكلّ الوسائل عندك مباحة وكلّ أعمالك الوسخة كشفناها، وزوجة "جاك" اعترفت بكلّ شيء فلا داعي للإنكار.

وشاءت الصدف أن نجد في خزانتك ملفاً أزرقاً رائعاً أعجبتنا محتوياته كثيراً.

فظهر رعب كبير على وجه موشي ثم أردف الإيراني: لقد وجدنا في الملف مخططات لمواقع عسكرية أمريكية وقد فهمنا سرّ تواجد "ألكسندر ماليكوف" فهو هنا يقيناً لتبيعه هذه المخططات.

أتعلم أنّ هذا الملف عندما سنرسله للأمريكيين ويعلمون أنّكم تسرقون أسرارهم العسكرية وتتاجرون بها وهم يدعمون كيانكم ويحمون مصالحكم ستكون بلا شك قنبلة الموسم.

فصرخ موشي: رجاءً اتركوا هذا الملف واطلبوا ما شئتم.

فاقترب منه الإيراني وقال له: فات وقت التفاوض ونحن هنا لتبليغك رسالة قصيرة من رئيسنا "شيرزاد أنمار" ويقول لك: رحلة سعيدة إلى الجحيم ثم أشار لرفيقه فأخرج مسدساً وركّب عليه كاتماً للصوت وأطلق رصاصة في جبهة موشي فاهتز جسمه وفارق الحياة مع نظرة رعب هائلة مرتسمة على وجهه وثقب جبته يسيل دماً.

مهلاً؛ فهذه ليست البداية ولكنّها نهاية قصّة بدأت أحداثها في واشنطن منذ ما يزيد على سنة في إحدى ليالي يناير الباردة من سنة 2015.



المكان: واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية

الزمان: الجمعة 23 يناير من سنة 2015


في ليلة ماطرة من ليالي يناير الشديدة البرودة من سنة 2015 والساعة شارفت على الحادية عشرة قبل منتصف الليل، وفي غرفة بفندق صغير بإحدى ضواحي واشنطن المنعزلة كان يجلس رجل أمريكي في منتصف الستينيات من عمره ... متين البنيان، متوسط الطول، ذو شعر أشقر ووجه شديد الحمرة وعينين رماديتين وملامح صارمة، يلبس بذلة تدلّ على ثراء كبير وذوق سليم ويمـسك جريدة التايمز ويدخّن غليوناً فاخراً ذو رائحة قويّة ونفّاذة وكان في كلّ مرة ينظر إلى عقارب ساعته بضيق وتوتّر كأنه ينتظر قدوم شخص مهم. 

بعد دقائق سمع أربع دقات خافتة على الباب، فوضع الجريدة وذهب لفتحه فدخل بسرعة إلى الغرفة رجل شرقي الملامح، ذو نظرة خبيثة وماكرة، فأقفل الباب وبادره الضيف قائلاً:

كيف حالك "جاك"، ولماذا كلّ هذا التوتر؟!!

فأجابه جاك: "موشي" أنت تعلم أن مواعيدي دقيقة والانتظار يخلق لي التوتر، وثانياً فتوتري لا دعوة لك به.

هيّا أخبرني ما هي طلباتكم هذه المرة؟

فابتسم موشي ابتسامة ماكرة وقال:

لم العجلة يا جاك ألا تقدم لي كأساً من الجعة، هل نسيت أنني ضيفك؟؟!

فذهب جاك إلى ثلاجة صغيرة فتحها وأخد منها زجاجة كونياك من نوع فاخر، وصبّ كأساً لضيفه وقدّمه له، فأخذه موشي وتناوله في فمه دفعة واحدة، وبادره جاك بالسؤال:

أخبرني موشي، لماذا طلبَتني جماعتكم في لقاء مثل هذا، هل جدّ من جديد؟!

فأجابه موشي قائلاً: إنّ الأمر مختلف هذه المرة فجماعتنا تطلب منك شيئاً كبيراً.

فقال جاك: وما هو هذا الشيء؟!

أجابه" موشي": إنّ رؤساء الجماعة يريدون أن توافق على دعم لكياننا لأننا بحاجة إليه لتمويل ترحيل عدد كبير من جالياتنا من روسيا وبعض الدول الغربية وأن نوفر لهم مساكنا وعملاً وهذا يلزمه رقم معين.

فقال جاك: وما هو الرقم المطلوب هذه المرة؟

فنظر إليه موشي نظرة مباشرة إلى عينيه وقال له:

إنّ بعض رجالنا اللوبيين سيقوم بدفع الطلب للكونغرس وما عليك إلا أن تجتهد حتى يوافق أعضاء المجلس كونك تملك سلطة كبرى عليهم.

قال جاك: نعم لقد فهمت، فما هو الرقم الذي سأجعلهم يوافقون عليه؟

فأجابه موشي ببطء وهو يضغط على الحروف:

يريدون أن تسهّل الموافقة على دعم مقداره مليار دولار

فاهتز جاك غاضباً وهو يقول:

هذا مبلغ كبير جداً وستُثَار حوله التساؤلات بشدة خصوصاً وأنكم أخذتم دعما منذ فترة قصيرة جداً لمشاريع كبرى في المستوطنات، فالأغلبية بالكونغرس لن توافق.

فقال موشي: لا عليك، دع الأمور الأخرى علينا؛ فنحن كفيلون بإسكات كلّ أعضاء الكونغرس وأيضاً أخذ موافقتهم، فلا تقلق.

جاك: كيف لا أقلق فهذه أمور من صميم عملي؟!!

موشي: سأخبرك حقائقاً أنت تعلمها جيداً لكنك تتجاهلها، فطلبُ دعمنا لن يفشل لأنّه حسب قوانين مجلس الشيوخ فكلّ قرار لا يقبل الرئيس الطعن فيه إلا إذا طَعن فيه خُمس أعضاء من مجلس الشيوخ، ونحن نضمن أنّه لن يطعن فيه حتى سدس الأعضاء بل أقلّ من ذلك.

فاطمئن؛ سيقبلونه ولن تكون هناك مشاكل.

فقال له جاك: لا تتمادى في كلامك، وفي ثقتك كثيراً!!. كيف تضمنون ولاء أغلب أعضاء الكونغرس في مبالغ ضخمة على فترات متقاربة كأنهم دمى بين أيديكم؟؟!!!

فانفجر موشي ضاحكاً ضحكة صفراء وقال: عزيزي جاك، إنّ أغلب أعضاء الكونغرس نحن من نختارهم وندفع لهم أموالا ً للترفيه، وأظنك تعلم أنّ ستين بالمئة من حجم تمويل الديمقراطيين وخمسة وثلاثون بالمائة من تمويل النواب الجمهوريين في الكونغرس يدفعه بعض أنصارنا الذين يدعمون كياننا السامي.

وكلّ الأجندات السياسية في بلدكم تسير حسب معاييرنا وبموافقتنا، حتى رئيسكم فنحن من عيّناه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.

فعض جاك على شفتيه وقال بنبرة غاضبة جداً:

إنكم فعلاً وقحون فأنتم شرذمة قليلة أصبحتم تعبثون مع الكبار.

فأجابه موشي: أتسبّنا يا جاك، ونحن من اختارك وموّل تعيينك في الكونغرس ودعمناك حتى ارتقيت الى أعلى مرتبة؟!!، وهذه الشرذمة القليلة أنسيت أنها أقوى جماعة ضغط في أمريكا وفي العالم، وهي تمثّل كياننا وتباشر مهام دولتنا السامية؟؟!

وشيء آخر؛ فقد علمنا باتصالاتك التي أجراها معك "شيرزاد أنمار" أحد الأعضاء القيادية "بالنّاياك المجلس القومي الإيراني " وبعدها رأينا التغير الكبير الذي طرأ فجأة على سياسة الكونغرس نحو الملف الإيراني، وهذا شيء يضرّ مصلحتنا بشدة. فاحمرّ وجه" جاك" غضباً وقال بصوت عالٍ: ما هذه الخسّة؛ متى أصبحتم تراقبونني وتُملون عليّ ما أقوم به؟!!. أمّا إذا وافق الكونغرس على بعض أجندات إيران فهو ليس من شأني.

وشيء آخر؛ فكلّ جماعة ضغط تمارس نشاطها لتدعم مصالح أمن دولتها القومي، وأنتم تريدون أن تبطلوا نشاط كلّ الجماعات وتعملوا لوحدكم. لقد تجاوزتم كلّ الأعراف الدولية والسياسية بشكل مبالغ فيه. إنّ أبشع خطأ قمنا به هو أننا دعمناكم منذ البدء وجعلناكم تدسون أنوفكم في كلّ شؤون أمريكا وأعطيناكم كلّ شيء لكنكم تستغلوننا وتخونوننا.

فأجابه" موشي" بهدوء: كلامك هذا عدائيّ جداً، وترمي القول جزافاً واتهامنا بالخيانة لا نغفره لأحد أبداً.

فقال "جاك": أنا لا أتهمكم جزافاً، هل نسيتم الفضيحة التي نشرتها "فوكس نيوز" في سنة 2000أو2001؟؟!، لا أذكرالتاريخ بالتحديد، والتي كشف فيها عملاؤنا من "إف بي آي" عن شبكة جواسيس كبرى من عملائكم الصهاينة فاقوا المئة والأربعين جاسوساً، كانوا يتجسسون على مؤسساتنا الأمريكية الحساسة.

فاحمرّ وجه "موشي "ورفع صوته قائلاً: كفى جاك، لقد بالغت كثيراً في اتهامات لا نغفرها لأحد.

وعلى العموم، فجماعتنا لا تطلب منك، بل تأمرك وسننتظر ردّك في أقرب وقت وهذا الظرف فيه عمولتك، وهو مبلغ يسيل له اللعاب، سأنصرّف وأرجو سماع أخبار مفرحة. ثمّ نهض وفتح الباب وخرج بسرعة لا يلوي على شيء.

وبقي" جاك" جالساً مكانه ويداه ترتعدان غضباً، ثم قام وأمسك المظروف وفتحه فوجده ممتلئاً بأوراق مالية كثيرة من فئة المائة دولار، ثم سرعان ما اسـتشاط غاضباً ورماه على الأرض بقوة.


تم عمل هذا الموقع بواسطة