بعدما انصرف" موشي" ركب سيارته وجلس يفكّر بعض الوقت، ثم فتح هاتفه وأجرى مكالمة مع شخص مهمّ قائلاً:

ألو سيدي، نعم لقد قابلته وإني قادم إليكم حالاً..

ثم أدار مفتاح سيارته "بي إم دابل يو" وانطلق بها مسرعاً لمدة نصف ساعة، ثم توقّف بضاحية راقية من ضواحي واشنطن بجوار عمارة فاخرة جداً، وركب المصعد إلى الطابق العشرين ونزل منه، وذهب لباب منزل في الطابق ورنّ الجرس، وسرعان ما فتحته خادمة حسناء وسألها: هل السيد "نيكولاس" موجود؟

فقالت له: نعم، وهو في انتظارك

وطلبت منه الدخول الى غرفة الاستقبال، فذهب وجلس على أريكة فاخرة وأشعل

سيجارته وهو يفكّر بعمق، وبعد برهة أقبل عليه" نيكولاس "وهو رجل يناهز الستين،

وجهه ذو ملامح صارمة مع ندبة في خدّه الأيسر، ويرتدي روباً منزلياً حريرياً أخضراً.

فتقدم نحو موشي باشا وهو يقول:

عزيزي موشي لقد مرت فترة مذ التقينا آخر مرة. كيف حالك وحال زوجتك؟

فأجابه موشي باحترام: كلنا بخير سيدي، هذا لطف منكم..

وبادره: كيف كان لقاؤك مع رجل الكونغرس؟

فأجاب "موشي": لقد قابلته سيدي، ولكن الأمريكي بدأ يكنّ كرها لكياننا السامي وقد اعترض اعتراضاً صريحاً عـلى طلباتنا، وأعتقد بأنه سيجلب لنا المشاكـل، كما أن موضوع دعمنا بالمبلغ المطلوب سيفشل ويجب التصرف واختيار آخر ليحلّ محلّه.

نيكولاس: سنفكّر في الأمر

 موشي: حسنا، هناك سؤال يلحّ عليّ سيدي، هل من الممكن أن أعرف لماذا كلّ هذا المبلغ،

ومن فترة قصيرة أخذنا من الأمريكيين دعماً كبيراً؟!!

فنظر إليه" نيكولاس" نظرة عميقة وتريث قليلاً ثم أجابه: أنت تعلم جيداً أن عملنا هو شبيه بعمل المخابرات، وكل شخص لا يجوز له أن يعرف أكثر مما يخصّه، لكن بما أنك مخلص للمنظمة وتخدمها بولاء شديد فسأخبرك وإني أعلم أنك لن تفشي السر.

لا يخفى عليك أن أمريكا تدعمنا دائماً بترسانة مهمة من الأسلحة لدعم دولتنا السامية، والكثير من الأسلحة هي من المجمّع العسكري الصناعي الأمريكي، لكن كثيراً من الأشياء برزت على السطح جعلت القيادة في "تل أبيب" تغير سياستها.

فقال" موشي": مثل ماذا؟

فتناول "نيكولاس" رشفة من نبيذه وقال: لقد غيّرنا من استراتيجيّة التعاون لسببين؛ الأول أن أسلحة "المجمع العسكري الصناعي الأمريكي" فيها بعض السلبيات مقارنة مع الأسلحة الروسية ولهذا قررنا جلب أسلحة روسية ثقيلة من الروس دون علم الأمريكيين، وسبب آخر يتمثل في كون أعضاء قيادية في المجمع العسكري تشتغل مثلنا في مجال الضغط وتقوم بالضغط على أعضاء الكونغرس في قضايا تعارض أجندتنا، وقرر القادة عندنا التعامل معهم من الآن فصاعداً على أنهم ليسوا أصدقاء.

طبعاً علاقتنا مع الأمريكيين ستبقى متينة، لكن التعامل مع المجمع العسكري سيصبح لاغياً بطريقة تدريجية، وسنأخذ منهم بعض الأسلحة حتى تبقى الأمور الدبلوماسية جيدة.

فقال" موشي": فعلاً فكرة جيدة، لكن من أين سنأتي بتمويلات لشراء الأسلحة الروسية؟

فابتسم "نيكولاس" بدهاء وقال:

أتعلم يا موشي أن والدك كان شديد الولاء لبني جلدته، وقد تعلمت منه كثيراً، وكذلك فقد كان من أهم عناصر "تنظيم لافون" الإسرائيلي الذي فجر بعض المصالح الأمريكية بمصر وخرّب عدّة منشآت أثناء ثورة 1955 وأفسد العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

 والآن سأقول لك الشق الثاني من الخطة، فالدعم الذي سنأخذه من الأمريكيين سنضاعف الرقم كلّ مرة، ونِصف الرقم سنمول به مشاريع المستوطنات، وترحيل جاليتنا، والنصف الثاني سنعقد به صفقات أسلحة سريّة مع الروس.

فقال" موشي": فعلاً خطة محبوكة جداً، ولكن الصفقات مع الروس يصعب إخفاؤها لوقت طويل، فقال" نيكولاس": نعم أعلم لكن قيادتنا في تل أبيب عندها تكتيكات جاهزة وأعذار قوية لإقناع الأمريكيين، ولا تنسى فنحن طفل أمريكا المدلل هههههه.

فقهقه" موشي" ورفع كأسه قائلا: في صحّة طفل أمريكا المدلل.



ونعود للأمريكي "جاك" وقد تركه "موشي" وهو ينفجر من الغيظ.. فجلس وهو يفكّر بعمق ونظر إلى ساعته فوجدها قد شارفت على منتصف الليل فأمسك هاتفه وطلب رقماً معيناً وبعد برهة سمع صوتاً يجيبه:

أهلا جاك، ما الذي جعلك تطلبني في هذه الساعة المتأخرة؟

فقال "جاك": آسف سيدي الجنرال، لكن جدّت أمور ويجب أن نناقشها على وجه السرعة.. فقال الجنرال: بخصوص ماذا؟

فقال "جاك": بخصوص جماعة الضغط الصهيوني فقد استفزني "موشي" وأظنهم ينوون أشياء تخرج عن مخططاتنا لهم.

فأجابه الجنرال: هذا الموضوع سنناقشه بعد غد وسأنتظرك بعد الغذاء.

فقال" جاك": من الأفضل أن أزورك غداً، لأن الأمور تستوجب السرعة.

فقال الجنرال: فعلاً، لكن غداً عندي لقاءات دبلوماسية واجتماع مهم مع الرئيس

بخصوص الجاسوس الصيني الذي كشفه رجال "إف بي آي"، فموعدنا بعد

غدٍ.. ليلة سعيدة.

جاك: حسنا فليكن بعد غد، لكن بعد أن أنتهي من جلسة استماع بدريكسن.

الجنرال: حسناً.

فوضع "جاك" السماعة وأجرى مكالمة عبر البحار وبعد برهة أجابه شخص

بإنجليزية بها لكنة شرقية: مرحباً جاك، لقد مرّ وقت طويل منذ آخر مكالمة.

ولعلّ الأمر خطير عندما تكلمني في هذا الوقت.

فأجابه جاك: مرحباً "شيرزاد أنمار" قبل الاسترسال، هل الخط آمن؟

فقال له "شيرزاد أنمار": اقطع المكالمة وسأكلمك من خط آمن.

وبعد برهة رنّ هاتف جاك، وبادره "شيرزاد أنمار" قائلاً:

خيراً جاك لقد أقلقتني.

فقال له "جاك": لقد جدّت أمور ويجب تغيير الخطط.

فقال له "شيرزاد أنمار": هل تقصد ملفنا النووي؟؟

فقال "جاك": وهل هناك شيء غيره.

فقال له "شيرزاد أنمار": هات ما لديك.

قال له "جاك": إن أحد اللوبيين الإسرائليين أخبرني أنهم على علم بمساندتي لكم في ملفّكم، وأظنهم سيقومون بخطوات سريعة لإفشال مساعيكم.

فزمجر "شيرزاد أنمار" غاضباً، وقال: هؤلاء الأوغاد دائماً يحطمون كل مخططاتنا بشأن هذا الملف ولن ننسى في إيران ما قام به" نتنياهو " من إرساله وثائق وصور للأمريكيين بخصوص تجاربنا النووية، وندد بوجوب معاقبتنا والأمريكيون انصاعوا لهم.

فقال "جاك": ما تقوله صحيح، فلولا تدخل اليهود لم يكن ملفكم ليُفتح أبداً، وعلى كلّ فمن الحكمة تغيير الخطة.

فقال له "شيرزاد أنمار": كيف نغيرها؟

قال "جاك": قضية ملفكم في المرحلة القادمة من الأفضل أن يمسكها "جيفري واشنطن "، وهو ثعلب مخضرم، ويتقن اللعب مع الصهاينة، وله سلطة أكبر مني في الكونغرس، وسيحصل لكم على امتيازات كبرى حتى لو تدخّل الاسرائيليون فهو كفيل بتحقيق هدفكم.

فقال له "شيرزاد أنمار": هذا جيد، وهل ستتولى إخباره؟؟

فقال "جاك ": نعم سأخبره، وسيوافق لأنه لمّح لي مرات بأنه يدعم إيران في موقفها النووي، وأيضاً فهو لا يرضخ لجماعات الضغط الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، لأنه ذو نفوذ قوي وصعب المراس، لكن عمولته ضعف عمولتي.

فقال "شيرزاد أنمار": لا تقلق فجماعة "النّاياك" تدفع بسخاء.

فقال له" جاك": هذا جيد، وسأتركك الآن ولنا لقاء قريب.

فقال له "شيرزاد أنمار": بالتوفيق" جاك "وتصبح على خير.

فأقفل "جاك" الهاتف وبدأ يفكر مرة أخرى ثم نهض وذهب للنوم.

أما "شيرزاد أنمار" فقد أجرى مكالمة وبادره: ألو، كيف حالك يا "بادان آزمون"؟

 أجابه صوت يقول:

أهلاً "شيرزاد أنمار"، لقد اتصلت في وقت مناسب، أخبرني أولاً، هل كل شيء

على ما يرام؟؟

"شيرزاد أنمار": ليست تماماً يا "بادان"، فجماعة الضغط الصهيوني تعرقل سير ملفّنا

النووي، وأنتم كيف الأمور في جهاز الاستخبارات؟؟

"بادان آزمون": ليست على ما يرام.

"شيرزاد أنمار": ماذا حصل؟!!

"بادان آزمون": عميلنا الذي جندناه بتركيا ليتجسس على الأمريكيين قد كشف أمره

ولكنهم لم يصلوا إليه بعد، وعلينا إخراجه من تركيا بأسرع وقت.

"شيرزاد أنمار": وماذا ستفعلون؟

"بادان آزمون": إذا أرسلنا رجل مخابرات إيراني واكتشف أمره سيزداد الوضع سوءاً مع الأمريكيين وسنتورط أكثر.

"شيرزاد أنمار": اترك الأمر لي يا "بادان "وسأحل المعضلة، فلا تنسى أني قبل

أن أدخل مع جماعة الضغط كنت رجل مخابرات لفترة.

فضحك "بادان آزمون" وقال: نعم أعلم، وكنت ثعلباً.

"شيرزاد أنمار": ابعث لي الصور والوثائق في جيمايلي، وسأتدبر أمر عميلنا في تركيا.

"بادان آزمون": سأرسلها بعد ساعة. أشكرك جداً "شيرزاد أنمار".

"شيرزاد أنمار": حسناً، إلى اللقاء.

بعد أن أنهى "شيرزاد أنمار" المكالمة فكر بعض الوقت، ثم أجرى مكالمة أخرى عبر البحار:

شيرزاد: ألو.

الجانب الآخر: مرحباً "شيرزاد أنمار" ما الذي ذكّرك بنا؟

"شيرزاد أنمار": مرحباً سيرجي ميخائيل، كيف هي أمورك؟

سيرجي ميخائيل: أنا بخير، بوركت، لعلك تحتاجني في عملية مهمة.

"شيرزاد أنمار": فعلاً هي مهمة حساسة وتحتاج للدقة والسرعة.

سيرجي ميخائيل: أخبرني التفاصيل.

"شيرزاد أنمار": أريدك أن تسافر إلى تركيا وتُخرج عميلاً مهما لنا بطريقة آمنة، لأن الأمريكيين والأتراك قد كشفوا أمره.

سيرجي ميخائيل: حسناً، أرسل لي البيانات في الجيمايل.

"شيرزاد أنمار": لك ذلك سيرجي إلى اللقاء.

بعد ظهيرة اليوم التالي بالثكنة العسكرية الأمريكية كلّم الجنرال سائقه قائلاً:

 أندريه جهّز السيارة لأننا سنقوم بزيارة للرئيس في البيت الأبيض.

فأجابه أندريه: هي جاهزة سيدي الجنرال.

وبعد ربع ساعل استقلّ الجنرال السيارة، وتوجه به سائقه إلى البيت الرئاسي، وبعد وقت وجيز توقفت أمام البوابة الكبرى، وبعد إجراءات أمنية سمحوا لها بالدخول.

نزل منها الجنرال، وقاده رجل أمن إلى غرفة الرئيس، وقال له: سيأتي الرئيس

بعد لحظات.

بعد دقائل أقبل الرئيس ووجهه مكفهرّ، فوقف له الجنرال، فقال له الرئيس: اجلس

يا "أورتيغا" ولا تستغرب أنك دخلت بلا إجراءات طويلة لأننا في سباق مع الوقت.

 كيف حالك وكيف تسير الأمور بثكنتك؟

فأجاب الجنرال "أورتيغا": الأمور على ما يرام باستثناء حادثة حصلت أول أمس ولا زلنا نبحث عن تفسير لها.

فسأل الرئيس بقلق: ماذا حدث؟!!

أجاب الجنرال: أول أمس بعد منتصف الليل بقليل انطفأت الكشافات بطريقة غريبة، وسمع أحد الجنود أزيزاً خافتا ً فوقه على علو ليس بكبير، فسلّط علـيه مصباحه اليدوي، فلم يتبين شيئاً، ثم هدأ الصوت فجأة، وفي الصباح فحصنا الكهرباء فوجدنا أنها سليمة بما يعني أن التعطيل قام به أشخاص عن بعد بواسطة الحاسوب بعدما اخترقوا كلمات المرور.

فنظر إليه الرئيس نظرة طويلة وقال له: لقد استدعيتك من أجل الجاسوس الصيني، ومن أجل هذا أيضاً.

فاستغرب الجنرال وقال: كيف؟

فقال الرئيس: منذ شهر أخبرنا عميلنا في الكرملين عن خطة روسية كبرى للتجسس على جميع مواقعنا الحساسة؛ سواء الثكـنات العسكرية أو مصانع الأسلحة، ومؤسساتنا السريّة، كما أخبرنا أحد رجال الاستخبارات الروسية، الذي جندناه لصالحنا منذ فترة على أن هذا المخطط قد انطلق وقد سمي "بعملية النسر السيبيري".

فارتفع حاجبا الجنرال وقال: إذن فما وقع في ثكنتي هو من عمل الروس؟!!

فقال الرئيس: ليس في ثكنتك وحدها فقد وردتني تقارير منذ أمس وعددها 18 تقرير كلها تشبه ما حصل عندكم؛ ستة تقارير من ثكنات عسكرية و12تقرير من مصانع أسلحة سرية، أسلحة ثقيلة وأخرى بيولوجية.

الجنرال: لكن كيف لم يستطع أحد رؤية هذه الطائرات؟

ففتح الرئيس درج مكتبه وأخذ ملفاً قدمه للجنرال قائلاً:

اقرأ هذا التقرير الذي جاءني منذ يومين من جهاز استخباراتنا.

فأخذه الجنرال وبدأ يقرأ والدهشة تزداد على ملامحه، فلما أكمله صرخ قائلاً:

هذا اختراع خطير سيدي الرئيس وكنت أظنّ أنه لا زال مجرد تجارب نظرية

صعبة التحقيق..

فقال الرئيس: لم تعد تجارباً نظرية، لقد أصبح الاختراع حقيقة واستطاع الروس 

أن يسبقونا بهذا الإنجاز العلمي وكما رأيت في التقرير؛ فقـد تعاونت معهم جهة

علميّة بلجيكية سرية في اختراع المعدن الشفاف بحيث توصلوا إلى نسبة شفافية

تقارب 99في المائة، وهذه نسبة رهيبة ومستحيلة وبها صنعوا طائرات التجسس 

كتجربة أولى. 

و"عملية النسر السيبيري" هي عملية أراد بها الروس التجسس علينا وتجربة سلاحهم الجديد في نفس الوقت لولا أن الصدف قد كشفتهم، لأنهم حسب التقرير قد زودوا هذه الطائرات بمحركات صغيرة وفعالة ولا تصدر أدنى صوت، لكن خللاً في محركاتها جعلها تخرج صوتا خافتا هو ما نبهنا إليها.

فقال الجنرال: فعلاً لولا الحظ لتمكنوا منا.

الجنرال: لكن إذا كانت هذه الطائرات مثل الأشباح فهذا لا يمنع راداراتنا وأجهزة الاستشعار من كشفها.

الرئيس الأمريكي: إذا قرأت آخر صفحة في التقرير فستجد أن الطائرات مزودة ببرنامج اسمه "حرباء الفضاء" وهو برنامج متطور جداً يشغّل ذبذبات لا زالت مجهولة تقوم بامتصاص كل الموجات المعروفة والمستعملة في جميع الرادارات المتطورة.

الجنرال: شيء مذهل حقاً.

الرئيس الأمريكي: فعلاً.

الجنرال: لكن سيدي الرئيس لقد تمادى الروس هذه المرة، ويجب وقفهم عند حدهم.

فقال له الرئيس: "أورتيغا" أنت رجل عسكري، وهذه الأمور تحتاج دبلوماسية كبرى خصوصاً ونحن لا زلنا مع الروس في أزمة التصعيد النووي، ونريد الحفاظ على أسباب الاستقرار الاستراتيجي.

فقال الجنرال: وهل سنترك لهم الحبل على الغارب؟!!، فمنذ فترة قصيرة قاموا باختراق حواسيب البيت الأبيض تزامنا مع اختراقهم كمبيوتر البرلمان الألماني.

الرئيس: فعلاً لقد تمادوا، وقد أخبرتني رئيسة وزراء بريطانيا أنهم اكتشفوا بدليل قاطع أن عملية اختراقهم قام بها "ديمتري بادين" وهو عميل من المخابرات العسكرية الروسية.

وقد توترت العلاقات بين البلدين كثيراً، ولدى الألمان استياء كبير مما حصل.

الجنرال: وماذا سنفعل بخصوصهم؟

فقال له الرئيس: لا تقلق سأكلّم الرئيس الروسي وألمّح له بطريقة واضحة عمّا قاموا به، ومن جهة أخرى سنقوم بعملية سرية ضدهم ونكيل لهم الصاع صاعين.

فابتسم الجنرال راضياً وقال: فعلا هذا هو التصرف الصحيح سيدي الرئيس، حتى يعلموا أن أبناء العم سام لا أحد يخدعهم.

  الجنرال: وماذا بخصوص الصينيين؟

الرئيس: إن تجنيدهم لعملائنا هو مساس بسيادتنا وأمننا القومي، وسنردّ عليهم حتى يتعلموا درساً.

وفجأة رنّ هاتف مكتب الرئيس، فابتسم وقال للجنرال أظنها المكالمة التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر.

وبعد أن استمع للمتكلم قال: بوركتم، وسأكلمكم لاحقاً.

ثم وضع السماعة، وتوجّه بحديثه إلى الجنرال وقال:

لقد وصلني خبر رائع؛ فرجالنا الأفذاذ في غرفة العمليات السيبرانية تمكنوا خلال يومين من العمل على إيجاد المركز الذي كان يوجـه طائرات التجسس ووجدوه بفـيلا بـمديـنة "تروي بولاية ألاباما" وعند مداهمتها وجدوا بها فرنسياً ومعه زوجته وهم قراصنة محترفون ويشتغلون عملاء للروس، واستولينا على العدّة وكلّ أجهزتهم، وتم ترحيلهم، وسيقوم رجالنا باستجوابهم ومعرفة الكثير عن العملية. 

فابتهج أورتيغا وقال: فعلاً؛ فرجالنا أكفاء حقاً، وعملهم هذا سيجعل الروس ينفجرون من الغيظ.

فابتسم الرئيس الأمريكي بثقة كبيرة وقال: يقيناً.

فقال له الجنرال: حسناً سيدي الرئيس، سأنصرف الآن فهل تحتاجني في شيء؟

الرئيس: بوركت أيها المخلص "أورتيغا"، ليس الآن، فاذهب رافقتك السلامة.

"أورتيغا": عمت مساء سيدي.

وبعد انصراف "أورتيغا" أجرى الرئيس الأمريكي مكالمة طويلة عبر البحار

فأجابه صوت رجل من الجهة الأخرى، فقال له:

هلّا تكرّمت ووصلتني برئيسة وزرائكم؟، أخبرها أن "باراك أوباما" على الخط.

الآخر: نعم سيدي الرئيس ستكلمك حالاً

وبعد برهة سمع الرئيس أوباما صوتاً نسائياً يقول:

مرحبا بالرئيس الأمريكي، كيف هي الأمور عندكم؟

الرئيس الأمريكي: الأمور ليست بخير تماماً.

رئيسة وزراء ألمانيا: هل هو أمر يتعلق بالروس؟

الرئيس الأمريكي: فعلاً أنت على حق، أخبريني هل حدث شيء غريب عندكم هذه الأيام؟

رئيسة وزراء ألمانيا: شيء مثل ماذا؟

الرئيس الأمريكي: سأخبرك بخبر لم نذيعه بعد لأننا ننوي كتمانه، وسأحيطك علماً لتأخذوا حذركم.

رئيسة وزراء ألمانيا: لقد أقلقتني حقاً، ماذا حصل؟

الرئيس الأمريكي: إن الروس قد حاولوا التجسس على مؤسساتنا الحساسة مستعملين طائرات صغيرة مصنوعة من مادة تخفي المعادن بشكل تام، وأعتقد أنه مادة توصّل إليها الصينيون، وسمعنا منذ شهور أن الروس سرقوا منهم سر الاختراع مما فجر أزمة بينهم آنذاك.

رئيسة وزراء ألمانيا: فعلاً أذكر هذه الحادثة.

الرئيس الأمريكي: لكن الصدفة خدمتنا فكشفنا أمرهم.

رئيسة وزراء ألمانيا: إن الروس قد تخطوا كل الحدود في عمليات التجسس المتتالية ويجب اتخاذ إجراء صارم بحقهم.

الرئيس الأمريكي: فعلاً، وهذا ما كلمتك من أجله.

رئيسة وزراء ألمانيا: كلّي آذان صاغية.

الرئيس الأمريكي: أتذكرين الانفجار الذي حدث بجمهورية التشيك السنة الماضية قام به مجهولون لمستودع للأسلحة.؟؟

رئيسة وزراء ألمانيا: طبعاً أذكره، ماذا بشأنه؟؟

الرئيس الأمريكي: لقد وصلتني أخبار بأن المسؤولين في "براغ" عندهم أدلة بتورط

الاستخبارات الروسية، وهذا شيء جيد وسأكلم رئيس جمهورية التشيك لأنسّق

معه أمراً وسأخبرك بنتيجة اللقاء.

رئيسة وزراء ألمانيا: حسناً، سأنتظر مكالمتك، إلى اللقاء.


تم عمل هذا الموقع بواسطة