المكان: جيبوتي
الزمان: الجمعة الثالث من شهر أبريل2015
بينما كان أحد الضباط الجيبوتيين يرسل بعض التقارير المستعجلة إلى المركز الرئيسي، أحسّ بشيء غير طبيعي في الكمبيوتر فنادى أحد المبرمجين لكي يقوم بفحص سريع للحاسوب وبعد فترة قال له المبرمج:
سيدي أظن بأن أحدهم يخترق بياناتنا.
الضابط: تصرف بسرعة واعرف لنا المصدر.
المبرمج: نعم سيدي.
بعد نصف ساعة قال له المبرمج: سيدي الضابط لقد حددت مصدر الاختراق، وهو مكان يتواجد على بعد 1500 متر.
ففرك الضابط يديه وقال مبتهجاً: أحسنت.
ثم حمل هاتفه واتصل بشخص وقال له: هناك جواسيس يتجسسون علينا، وسأرسل لكم الموقع ولتقوموا بما يلزم.
فأجابه: نعم سيدي.
بعد لحظات كان فريق من الضباط الجيبوتيين متوجّه إلى الموقع الذي حدده المبرمج، وهناك في شارع منعزل وجدوا سيارة بنيّة اللون من نوع فولغسفاغن ولوحتها ذات أرقام محلية، فاقتربوا منها بحذر، لكن فجأة أخرج أحدهم رأسه من نافذة السيارة وصرخ بالصينية وشغّل محركها وانطلق بسرعة.
فهتف قائد الفريق: اللعنة، وراءهم ولا تضيّعوا أثرهم.
فانطلق الفريق وراء الجواسيس بسرعة كبيرة لكن في أحّد المنعطفات فقدوا أثر السيارة فجأة.
رجع الفريق إلى المركز وقدموا تقريراً للضابط عمّا حدث، فقام باتصال سريع مع شخص آخر، وقال له: صِلني بالرئيس للضرورة القصوى.
الرئيس الجيبوتي: ألو، ما الأمر الذي جدّ، وهل كل شيء في الثكنة العسكرية على ما يرام؟؟!
الضابط: سيدي الرئيس لقد اكتشفنا تجسساً على حواسيبنا، وبعد تتبع المصدر وجدنا أنهم بعض من الصينيين على بعد 1500 متر من الثكنة لكنهم أفلتوا منّا.
الرئيس: إذن، الصينيون بفعلهم هذا قد خانوا العهد، وكلّ اتفاق معهم أصبح لاغياً.
تحرّوا جيداً عن الجواسيس وأخبروني بكلّ جديد.
الضابط: حسناً سيدي الرئيس.
وفي الجانب الآخر من الكرة الأرضية كانت الاستخبارات الروسية قد وصلها حادث
تجسس الصينيين على منشأة جيبوتي العسكرية، فجلس "إيفانوف فاليري" رئيس مكتب الاستخبارات الروسية يفكر بعمق، ونادى أحد رجال الاستخبارات وسأله:
أخبرني يا "ساشا" ما الذي يجعل الصين تتجسس على منشأة عسكرية بجيبوتي،
هل الأمر يستحق؟
رجل الاستخبارات: الأمر لا يستحق وأظنّ أنّ هناك خدعة.
فصفّق "إيفانوف فاليريو" قال له: أحسنت، هذا ما ظننته لأن المنشأة ليس فيها شيء يستحق التجسس، والأمر فيه خدعة واضحة.
رجل الاستخبارات: سيدي، لقد علمت من مصدر موثوق أن الأمريكيين أزعجهم موضوع القاعدة البحرية العسكرية التي تنوي الصين إنشاءها في جيبوتي وأظنّ من الواضح أنّ الأمريكيين وراء الأمر لتوريط الصينيين حتى تتأزم علاقتهم مع جيبوتي ويلغون مشروع القاعدة.
"إيفانوف فاليريو": أحسنت، أحسنت، وهذا ما استنتجته أيضاً، بوركت.
رجل الاستخبارات: لكنّ هذه خدعة واضحة لتوريط الصينيين فكيف انخدعت بها جيبوتي؟!
"إيفانوف فاليريو": لقد اعتمد الأمريكيون على سذاجة الأفارقة في مثل هذه الأمور وعلى هذا الأساس وضعوا خطتهم.
رجل الاستخبارات: فعلاً سيدي.
وبعد ساعة كان "إيفانوف فاليريو" يكلّم ضابطاً ويقول له: صلني بمركز خدمة أقمارنا الصناعية، واطلب منهم إذن الدخول للقمر "سبوتنيك AF 23" الموجّه إلى المجال الإفريقي .
بعد ساعة جاء الإذن وقام إيفانوف بمتابعة الضابط الخبير على شاشة ضخمة وهو يدخل لكاميرات القمر الصناعي، وبعد برهة أخبر الضابط رئيس مكتب الاستخبارات الروسية.
الضابط الخبير: ها هو الموقع والشارع الذي كان يركن فيه الصينيون سيارتهم.
"إيفانوف فاليريو": هذا رائع.
الضابط الخبير: سيدي، متى اكتشف الجيبوتيون سيارة التجسس الصينية؟
"إيفانوف فاليريو": وقع ذلك في الساعة الثالثة ظهراً من يوم أمس.
فقام الضابط الخبير بإرجاع الوقت إلى الساعة الثالثة من يوم أمس، وبدأ يظهر على الشاشة شكل الشارع وقد توقفت في ركن منه سيارة فولغسفاغن ذات لون بني، فابتهج ايفانوف وقال للضابط، والآن قم بتسريع المشاهد لنرى ما حصل.
الضابط الخبير: حسناً سيدي.
وبدأ المشهد يسرّع ورأوا سيارة الجيبوتيين تطارد سيارة الصينيين، وبعد فترة انعطفت سيارتهم في شارع، وبعد أمتار فُتح باب مرآب ودخلت السيارة بداخله، ثم أُغلق بسرعة، ورأوا الجيبوتيين وصلوا ولم يجدوا السيارة ثم رجعوا.
فقال ايفانوف للضابط الخبير: قم بتسريع المشاهد لنعرف ماذا حصل.
فقام الضابط بتسريع المشاهد وبعد عدد من المشاهد رأوا سيارة الصينيين تخرج لكن بلون مختلف ولوحة أرقام مختلفة، ثم تتوجه إلى مكان معين، وبعد بعض الوقت رأوها تتجه للسفارة الأمريكية بجيبوتي حيث توقّفت لحظة ثم دخلت.
فضحك إيفانوف وقال: مرحى، لقد وقع الأمريكيون.
وقال للضابط: سجّل لي المشهد كلّه واتني به إلى مكتبي.
الضابط الخبير: حسناً سيدي.
ثم توجه إيفانوف إلى مكتبه واتصل بسفارة الصين بجيبوتي.
"إيفانوف فاليريو": ألو، رجاء صلني بسفيركم.
فردّ عليه الآخر: سيدي من معي؟
"إيفانوف فاليريو": معك "إيفانوف فاليريو".
الآخر: لحظة سيدي.
بعد لحظات تكلّم السفير الصيني.
السفير الصيني: مرحباً إيفانوف.
"إيفانوف فاليريو": مرحباً.
السفير الصيني: لعلّ الأمر خيراً.
"إيفانوف فاليريو": كلّ الخير، والأمر بخصوص قضية تجسسكم على الجيبوتيين.
السفير الصيني: ماذا بشأنها؟!
"إيفانوف فاليريو": ما رأيك لو استطعنا أن نثبت براءتكم من هذه التهمة؟
السفير الصيني: سيكون شيئاً رائعاً، ماذا لديكم؟!!
"إيفانوف فاليريو": عندنا شريط فيديو يصور سيارة الصينيين وهي تدخل السفارة الأمريكية.
السفير الصيني: الأوغاد، فعلاً، فكلنا كنّا نعلم أنها ضربة من الأمريكيين. أخبرني
ماهي طلباتكم؟
"إيفانوف فاليريو": نريد منكم التنازل لنا عن مشروع (توسعة ميناء أبيدجان) لدى الحكومة الإيفوارية.
السفير الصيني: حسناً سأكلّم أصحاب الشأن وأرد عليك.
"إيفانوف فاليريو": لك ذلك، إلى اللقاء.
المكان: واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية
الزمان: الخميس 19 مارس 2015
في صباح الخميس 19 مارس جاء اتصال ل "شيرزاد أنمار" من تركيا، وكان المتصل
هو "سيرجي ميخائيل".
"سيرجي ميخائيل": مرحباً شيرزاد.
"شيرزاد أنمار": مرحباً سيرجي.
"سيرجي ميخائيل": لقد تمّ الأمر، ورجلكم أخرجناه من تركيا بسلام.
شيرزاد أنمار": رائع سيرجي، وسيتم تحويل المبلغ إليك في المساء، لكنني أريدك في مهمة أخرى.
"سيرجي ميخائيل": أمرك، فأنا دائماً في خدمتكم.
"شيرزاد أنمار": هناك عملية سينفذها الإسرائيليون في تركيا، واحتمال كبير أنها تستهدف حياة الرئيس التركي، لذا أريد منك ومن خليتك جمع أكبر المعلومات عن هذه العملية، وإني قادم بعد يومين لأتولى الأمور معكم من هناك.
"سيرجي ميخائيل": لك ذلك شيرزاد.
"شيرزاد أنمار": بورك فيك سيرجي، إلى اللقاء.
بعد أربعة أيام في الثالث والعشرين من مارس سافر "شيرزاد" إلى تركيا، وهناك التقى بسيرجي وأعوانه.
سيرجي ميخائيل: لقد توصلنا إلى الخليّة الإسرائيلية، ووجدناها بإحدى فنادق إسطنبول، تتكون من ستة أفراد غير معروفين لنا، كما رأينا لقاءات بينهم وبين بعض رجال "مظفر دينيز" رئيس حزب العمال الكردستاني.
"شيرزاد أنمار": وهل عرفتم سبب لقائهم؟
سيرجي ميخائيل: لقد فهمنا من حديثهم أن إسرائيل قامت بإيهام رئيس حزب العمال
الكردستاني (PKK) ببعض الوثائق المزيفة؛ حيث أنّ الرئيس التركي قد أمضى أوراقاً تنصّ
على قوانين جديدة من شأنها فرض قيود على الأكراد في تركيا، مما أثار حفيظة كثير من الأكراد وقرر رئيس (PKK) القيام بعدة عمليات إرهابية في تركيا رداً على قرار رئيس تركيا.
"شيرزاد أنمار": فعلاً هذه هي طرقهم دائماً.
سيرجي ميخائيل: هذا صحيح، وهذه هي لعبتهم لينفّذ لهم مخططهم دون أن يشعر.
"شيرزاد أنمار": لقد استغلوا طبيعة الحزب الكردي المعتادة على الأعمال الإرهابية، واستعملوا الوثائق المزوّرة ليدفعوا رئيس الحزب لتنفيذ مخططهم.
سيرجي ميخائيل: هذا صحيح.
"شيرزاد أنمار": وهل توصلتم بشيء بخصوص العملية
سيرجي ميخائيل: لقد وضعنا بعض أجهزة التنصّت المتطورة داخل غرفهم، واستمعنا إلى حوار دار بين أحّد منهم، وبين أحد رجال "مظفّر"، واستطعنا أن نعرف مخططهم؛ وكان حول عزم رجال الحزب الكردي تنفيذ بعض أعمال التخريب والتدمير في بعض المدن التركية، ووعدهم الإسرائيليون بمساعدتهم بدعم مادي وأسلحة متطورة جداً تم شحنها من روسيا، وقاموا بتهريبها منذ يومين عبر الحدود التركية.
"شيرزاد أنمار": إذن فهذا هو مخططهم، وهل ذكروا شيئا يتعلّق بالاغتيال؟!!
سيرجي ميخائيل: لا أعتقد، وأظنّ أنه نصف المخطط، لأنهم لم يذكروا شيئاً عن الاغتيال.
شيرزاد أنمار": حسناً، تابعوا التنصّت وأخبروني بكل جديد.
سيرجي ميخائيل: لك ذلك.
المكان: تركيا
الزمان: الأول من شهر أبريل من سنة 2015
بعد أسبوع من هذا اللقاء، وفي بداية شهر أبريل من صباح بارد جداً من يوم الأربعاء، بدأت إسرائيل بتنفيذ مخططها بخصوص الحوار الذي دار بين الرئيسين التركي والإيراني حول إلغاء رادارات الردع النووي، وبدأ حزب العمال في إحداث موجة مفاجئة من أعمال التفجير والتدمير، واندلعت في تركيا فوضى عارمة من جرّاء انفجارات كبرى في عدّة مدن تركية، واندلعت الحرائق في العديد من المؤسسات الحكومية، وكشفت المصادر التركية أنه كان وراءها حزب العمال الكردستاني وأصابع أخرى خفيّة ومجهولة تدعمه.
وبموازاة مع الأحداث كان الفريق الإيراني يعمل بسرعة كبيرة للوصول إلى أبعاد المؤامرة كاملة، وفي مساء نفس يوم الأحداث رنّ هاتف شيرزاد.
شيرزاد: مرحباً سيرجي، هل من جديد؟
سيرجي: نعم، فقد قام أحد رجالنا بالتسلل إلى غرف الإسرائليين بالفندق، ووجد ورقة مهمة ستفيدنا كثيراً.
شيرزاد: أملِني محتواها.
سيرجي:4 _4_الغروب_39°55′52″N 32°47′56″E
فبدأ شيرزاد ينظر إلى تلك الأرقام، وقال لسيرجي: إن الإحداثيات الاخيرة هي موقع لمكان، وعندما بحثت وجدتها إحداثيات موقع القصر الرئاسي في أنقرة.
سيرجي: هذا ما توصلنا له أيضاً.
شيرزاد: إذن هم سيحاولون تنفيذ ضربتهم في القصر الرئاسي بعد يومين عند الغروب.
سيرجي: فعلاً.
شيرزاد: فلنجهّز أنفسنا بعد يومين عند الغروب.
سيرجي: لك ذلك.
وفي اليوم الثالث من أبريل كانت أحداث الشغب والتدمير مستمرة وبقوة، وكانت خليّة الإسرائيليين تعقد اجتماعها.
أحد أعضاء الخليّة: لقد وقع تغيير في الخطة سواء من ناحية التوقيت أو طريقة التنفيذ، ولن نقوم بنسف القصر بقذيفة صاروخية.
عضو آخر: كيف ذلك يا شمعون؟
شمعون: اسمع يا بنيامين، إنّ القرارات تأتينا من تل أبيب، ولسنا إلا منفذين، وقد طلبوا منّا الإسراع في تنفيذها، وحددوا لذللك يوماً قبل اليوم الذي حددناه في بادئ الأمر، والآن إليكم الخطة:
سيقوم اليوم في منتصف الليل أربعة مرتزقة بلجيكيين بالتسلل عبر المجاري تحت القصر الرئاسي، وفي مكان محدد سيضعون قنابل شديدة الانفجار، وفي الثانية بعد منتصف الليل ستبدأ التفجيرات.
بنيامين: رائع جداً، فلنتمنى لخطّتنا التوفيق.
شمعون: بوركتم.
في الليلة ذاتها نفّذ المرتزقة البلجيكيون مخططهم بنجاح، وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل اهتز القصر الرئاسي التركي بتفجيرات هائلة.
وفي صباح اليوم التالي رنّ هاتف شيرزاد، وكان المتكلّم هو سيرجي.
شيرزاد: مرحباً سيرجي، ما الأخبار؟
سيرجي: ألم تسمع الأخبار؟!!. لقد نفذوا مخططهم.
شيرزاد: ماذا تقصد؟
سيرجي: لقد نفذ الأوغاد ضربتهم قبل الموعد المحدد وفجّروا القصر.
شيرزاد: الأنذال، والرئيس ماذا حدث له؟
سيرجي: يقولون أنّه نجا.
شيرزاد: هذا رائع، فخطتهم فشلت. إذن سأعود إلى طهران، وأنت ستجد في حسابك مبلغاً كبيراً ورائعاً.
سيرجي: أشكرك شيرزاد.
استفحل الأمر بشدّة عندما فُجِّر القصر الرئاسي بالقنابل، وأدى ذلك إلى عدة قتلى بين خدم القصر، لكنّ الرئيس التركي نجا بحياته، واعتبر هذا الاعتداء مسّ مباشر بحياته، ونوع من أنواع الاغتيال والانقلاب على النظام، فبدأت حملة واسعة من الاعتقالات، وتقرر اعتقال "مظفر دينيز" رئيس الحزب وزعيم الأكراد، والذي استطـاع الهروب إلى "سينوب" وهي مدينة تقع أقـصى الشمال التركي، وقام بالاتصال بحلفائه الروس لانتشاله من مصير الاعتقال والحكم المؤبد.
وفي منزل صغير بجنوب "سينوب"، وهي مدينة يقع جزء كبير منها في منطقة البحر
الأسود الغربية، كان "مظفر دينيز" جالساً يتحدث مع شخصين حول طاولة مستديرة.
"مظفر دينيز": لقد كان مخططنا أن نحدث انفجارات في أماكن محددة يا "يحيى كايا"، ولم يكن في المخطط ضرب القصر الرئاسي، فماذا حصل؟!!
"يحيى كايا": إن ضرب القصر الرئاسي لم يقم به أي أحد من مجموعاتنا.
وأردف الشخص الثالث: هذا صحيح، وإني متأكد أن الإسرائليين وراء هذا حتى يغتالوا الرئيس الذي يقف ضد مصالحهم ويصبح حزبنا كبش فداء.
" فعلاً يا "أوزجان"، وهذا ما حصل؛ فقد نجح مخطط الأوغاد، وأصبحنا كبش فداء.
"يحيى كايا": سيدي مظفر، لقد أخبرَنا الروس بأنهم سيبعثون من ينتشلكم من هذا الحصار، فلا تقلق.
"مظفر دينيز": لستُ قلقاً على حياتي؛ لقد ضاع كلّ شيء، وحزبنا أغلب أعضائه اعتقلوا.
"أوزجان": سيدي مظفر، كلّ الحروب فيها خسائر، فلا تحمّل نفسك ندماً فوق ما تطيق.
"مظفر دينيز": فعلاً يا أوزجان فالحروب خسائر.