وفي نفس اليوم بمجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي كان كثير من الإيرانيين متوترين، وكانت اللجنة قد عُقدت للنظر في الملف النووي الإيراني، حضرها الرئيس "باراك أوباما" وثلة من نخبة النواب الديموقراطيين والجمهوريين البارزين، واستطاع أوباما أن يجمع اثنين وأربعين صوتاً ديمقراطياً؛ الشيء الذي أيّد بشكل كبير قرار الاتفاق مع إيران، وابتهج الإيرانيون بشدّة، فجأة دخل رجل أمن وهمس شيئاً في أذن الرئيس، مما جعل وجهه يكفهرّ ويطلب من الأعضاء عقد جلسة سريّة للضرورة القصوى.
وبعد عقد الجلسة أخبرهم "أوباما" أن حدثاً أليماً قد حدث؛ حيث وصلنا نبأ اغتيال عضو الكونغرس "جاك بليتر"، والتحقيقات الأولية أشارت إلى أحد العناصر الإيرانية النشطة في جماعة الضغط الإيراني، مما يجعلنا نؤجل تأييد الملف الإيراني حتى تتضح معالم القضية.
بعدما انتهت جلسة الكونغرس قام أحد النواب بإجراء مكالمة مع شيرزاد أنمار قائلاً:
ألو، مرحباً "شيرزاد" إني خارج من الكونغرس لتوّي، وعندي لك ـ للأسف ـ خبر غير سار.
شيرزاد أنمار: مرحباً كريستوفر، لا عليك فقد اعتدت على الأخبار الغير سارة.
كريستوفر: لقد انعقدت جلسة للنظر في ملفكم النووي، وسارت الأمور جيداً، وكان الحكم سيعطى برفع العقوبات لولا أن جدّ طارئ قلب الموازين.
شيرزاد أنمار: ماذا حصل؟
كريستوفر: لقد دخل في آخر لحظة شخص، أخبر الرئيس بأن عضو مجلس الشيوخ "جاك بليتر" قد قُتل من طرف بعض الإيرانيين، مما جعلهم يوقفون إجراءات الملف حتى تتضح ملابسات القضية.
زمّ "شيرزاد أنمار" شفتيه، وقال: أشكرك كريستوفر.
كريستوفر: لا عليك، هذا واجب، إلى اللقاء.
شيرزاد أنمار: إلى اللقاء.
في صبيحة اليوم التالي قام "شيرزاد" بالاتصال بضابط شرطة أمريكي من معارفه، وبعدها أقفل معه المكالمة اتصل بشخص يعرفه.
شيرزاد أنمار: ألو، مرحباً.
الآخر: كيف هي الأمور شيرزاد.
شيرزاد أنمار: الأمور ليست جيدة يا "نيروز".
نيروز: أعلم بما حصل يا شيرزاد؛ فعلاً فما حصل أضرّ بسمعتنا كثيراً، والرأي الأمريكي بدأ يتألب على الإيرانيين.
شيرزاد أنمار: للأسف هذا صحيح، أتدري؟!! لقد أخبرني ضابط شرطة صديقي أن الشاهد الوحيد في القضية هو زوجة جاك رجل الكونغرس، وبما أننا نعلم براءتنا، فهذا له تفسير واحد أن ديانا زوجة جاك كاذبة، ويجب معرفة الحقيقة منها.
نيروز: فعلاً، فتصورك صحيح.
شيرزاد أنمار: نيروز، ابعث شخصين ليعملا معها ما يلزم، ونعرف ما حصل حقاً.
نيروز: لك ما تريد شيرزاد.
شيرزاد أنمار: إلى اللقاء.
في صباح يوم مشمس ركبت ديانا سيارتها، وذهبت إلى المركب التجاري للتسوق، فتجولت فيه كثيراً، واشترت عدة لوازم، ولمّا دفعت الحساب توجهت إلى سيارتها ووضعت اللوازم وجلست وأدارت المحرك، فلم تصدر السيارة أي صوت، فحاولت مراراً لكنّ السيارة لم تستجب لها، فخرجت وفتحت غطاء المحرك، لكنها لم تكن تفقه شيئاً في الميكانيك، وبعد برهة وقف بقربها شاب أنيق، قائلاً:
هل من مساعدة أقدّمها لك؟
فأجابت: نعم، رجاء ساعدني؛ فهذا المحرك توقّف فجأة.
الآخر: حسناً.
وبعد أن فحص المحرك، قال لها: للأسف، لن تتحرك السيارة إلا بعد تبديل قطعة غيار.
فتأففت ديانا واعترى الضيق ملامحها فبادرها الآخر:
إذا لم يكن عندك مانع دعيني أوصلك إلى منزلك، وسأبعث ميكانيكيّاً أعرفه ليصلح سيارتك، ويأتي بها إلى منزلك.
ابتسمت ديانا، وقالت: هذا فعلاً جيد، أشكرك من صميم قلبي.
فساعدها على نقل لوازمها من سيارتها إلى سيارته، وقالت له:
على فكرة، أنا اسمي "ديانا" موظفة بإحدى المجلات وأكتب المقالات.
فأجابها: أنا اسمي "توم بانر" أعمل في الاستيراد والتصدير.
بعد ساعة من هذه الأحداث استفاقت ديانا، ورأسها يؤلمها ورائحة غريبة في أنفها، وتذكرت فجأة ما حصل، وأنّ المدعو "توم"، وبعد أن قطعت بهم السيارة بعض الوقت غافلها فجأة ورشّها على أنفها مباشرة برذاذ قوي وهو يغطّي أنفه بيده.
فأخذها رعب كبير وهي تنظر إلى المكان الذي أخذها إليه، وهو عبارة عن مرآب واسع، وقد جلس شخصان على كرسيين وهو ثالثهما، فذهب توم وأخرجها من شعرها، وقال لرفيقيه: ها هي الوغدة، وسأذهب وأنتما اعملا لها ما يلزم.
أجاب أحدهم: أحسنت، إلى اللقاء.
فقام أحد الشخصين عن كرسيّه، وقال "لديانا":
سنسألك بعض الأسئلة، وإذا تعاونت معنا ستذهبين إلى منزلك بسلام، وأما إذا عاندت فإن صديقي سيتصرف معك بطريقة مرعبة.
فأدارت ديانا وجهها إلى حيث ذهب رفيقه، فرأته قد جلب مثقاباً كهربائياً، وشغّله وهو ينظر إليها ويبتسم ابتسامة فيها شر كبير.
فقال لها الأول: هل ستتعاونين معنا؟
ديانا: نعم سأتعاون، ولكن لا تؤذونني.
فقال لها: حسناً، سأسألك سؤالاً، وإذا لم تحسن الردّ سأغضب منك.
أخبريني من الذي قتل "جاك" عضو الكونغرس.
فنظرت ديانا إلى صاحب المثقاب ووجهه المليء بالقسوة وأجابت:
موشي هو من قتله، وطلب مني أن أقول الكلام الذي قلته للشرطة.
فقال لها: أحسنت بالإجابة، والآن ستخبرينني بكل ما حصل مع "موشي" حتى لحظة
مقتل رجل الكونغرس، وسأسجّل كلامك. هيّا تكلمي وبصوت واضح.
وفي مساء نفس اليوم دقّ أحدهم باب " شيرزاد أنمار" وأعطاه آلة تسجيل
صغيرة وبها شريط مسجل وانصرف. شغّل "شيرزاد " الشريط واستمع إلى
صوت ديانا وهي تعترف بكلّ شيء، فابتسم راضياً، وكلّم صديقه الضابط، قائلاً:
"شيرزاد أنمار": مرحباً.
الضابط: مرحباً شيرزاد، هل من جديد؟؟
"شيرزاد أنمار": من هو المحقق الذي أمسك قضية رجل الكونغرس؟
الضابط: إنه محقق اسمه "مايكل غرين"، وقد انتقل حديثاً إلى واشنطن، وكان قبلها محققاً بولاية أريزونا، وهناك كان مشهوداً له بالنزاهة والكفاءة.
"شيرزاد أنمار": حسناً، أعطيني عنوانه.
الضابط: بعد ساعة سأرسله لك في رسالة.
"شيرزاد أنمار": هذا جيد، شكراً لك.
الضابط: على الرحب.
في صباح اليوم التالي ذهب "مايكل غرين" إلى مكتبه كعادته، وبدأ يراجع بعض التقارير، وسأل مساعده عن جديد قضية مقتل رجل الكونغرس، ثم فتح درج مكتبه ليأخذ منه قطعة سنيكرز، فلمّا فتحه وجد آلة تسجيل صغيرة وبداخلها شريط، فشغله بسرعة وإذا به يسمع صوت ديانا وهي تعترف بكل شيء، فقال لمساعده: صلني بقائد شرطة واشنطن.
المساعد: نعم سيدي.
وبعد لحظات كان الضابط يكلّم قائد شرطة واشنطن.
الضابط: مرحباً سيدي.
قائد شرطة واشنطن: مرحباً.
الضابط: سيدي القائد لقد وصلني من مجهول شريط تسجيل فيه اعتراف لديانا زوجة رجل الكونغرس بأنها زيّفت أقوالها.
قائد شرطة واشنطن: هذه تطورات خطيرة ستقلب القضية بشكل كبير، ابعث لي الشريط.
الضابط: سأجلبه بنفسي سيدي القائد.
في صباح اليوم التالي كان "شيرزاد أنمار " يكلّم شخصا بالهاتف.
شيرزاد أنمار: اسمع يا آزر، ستبحث أنت ونيروز عن النذل موشي، فهو من تسبب بكل هذه الفوضى، فقد اختفى من واشنطن بلا أدنى أثر، ابحثوا عنه وجِدوه ثم أرسلوه إلى الجحيم.
" آزر": لك ذلك شيرزاد.
انتهت...
بقلم القيصر_05_06_2021